responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 4  صفحه : 274
الْجِهَادِ اهـ. وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِعْطَاءَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْعَامَّةِ وَهِيَ أَمْوَالُ الْمَصَالِحِ أَقْوَى مِنْ الْخَاصَّةِ كَالْأَوْقَافِ: فَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّوَسُّعِ فِي تِلْكَ التَّوَسُّعِ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُعَيَّنٌ أَخْرَجَهُ شَخْصٌ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ لِيَقْرَأَ الْعِلْمَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ الْمَخْصُوصِ فَكَيْفَ يُصْرَفُ مَعَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ وَمُقْتَضَى هَذَا الْفَرْقِ الصَّرْفُ لِأَوْلَادِ الْعَالِمِ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ كِفَايَتَهُمْ كَمَا كَانَ يُصْرَفُ لِأَبِيهِمْ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.

فَصْلٌ: فِي الْجِزْيَةِ
تُطْلَقُ عَلَى الْعَقْدِ وَعَلَى الْمَالِ الْمُلْتَزَمِ بِهِ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمُجَازَاةِ لِكَفِّنَا عَنْهُمْ وَقِيلَ مِنْ الْجَزَاءِ بِمَعْنَى الْقَضَاءِ قَالَ تَعَالَى {وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48] أَيْ لَا تَقْضِي. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 29] وَقَدْ «أَخَذَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ. وَقَالَ: سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» كَمَا رَوَاهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْعُلَمَاءِ.
قَوْلُهُ: (وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ أَخْذِ أَوْلَادِ الْمُرْتَزِقِ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ. وَعَدَمِ جَوَازِ أَخْذِ أَوْلَادِ الْعَالِمِ مِنْ وَقْفٍ كَانَ يَأْخُذُ مِنْهُ أَبُوهُمْ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ) أَيْ مِنْ الْفَيْءِ وَقَوْلُهُ: وَهَذَا أَيْ الْفَرْقُ هُوَ الظَّاهِرُ مُعْتَمَدٌ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ أَوْلَادِ الْعَالِمِ وَالْمُجَاهِدِ بِأَنَّ الْعِلْمَ مَرْغُوبٌ فِيهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْلِيفٍ عَلَيْهِ وَالْجِهَادُ مَرْغُوبٌ عَنْهُ فَيَحْتَاجُ إلَى تَأْلِيفٍ بِأَنْ يُعْطَى أَوْلَادُ الْمُجَاهِدِ مِنْ الْفَيْءِ.

[فَصْلٌ فِي الْجِزْيَةِ]
ِ ذَكَرَهَا عَقِبَ الْجِهَادِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَيَّا قِتَالَهُمْ بِإِعْطَائِهَا فِي قَوْلِهِ: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29] وَلَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ تَقْرِيرِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ جَزْمًا بَلْ فِيهَا نَوْعُ إذْلَالٍ لَهُمْ وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِيمَا يُقَابِلُهَا، فَقِيلَ هُوَ سُكْنَى الدَّارِ وَقِيلَ: تَرْكُ قِتَالِهِمْ فِي دَارِنَا. وَقَالَ الْإِمَامُ الْوَجْهُ أَنْ يَجْمَعَ مَقَاصِدَ الْكُفَّارِ مِنْ تَقْرِيرٍ وَحَقْنِ دَمٍ وَمَالٍ وَنِسَاءٍ وَذُرِّيَّةٍ وَذَبٍّ وَتُجْعَلُ الْجِزْيَةُ فِي مُقَابَلَتِهِ وَهِيَ مُغَيَّاةٌ بِنُزُولِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إنَّهُ يَنْزِلُ حَاكِمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَلَا يَقْبَلُ الْجِزْيَةَ» قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْمَعْنَى أَنَّ الدِّينَ يَصِيرُ وَاحِدًا فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ يُؤَدِّي الْجِزْيَةَ وَقِيلَ: " مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَالَ يَكْثُرُ حَتَّى لَا يَبْقَى مَنْ يُمْكِنُ صَرْفَ مَالِ الْجِزْيَةِ لَهُ فَتُتْرَكُ الْجِزْيَةُ اسْتِغْنَاءً عَنْهَا قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَإِنَّمَا شُرِعَتْ قَبْلَ نُزُولِ عِيسَى لِلْحَاجَةِ إلَى الْمَالِ بِخِلَافِ زَمَنِ عِيسَى فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى مَالٍ فَإِنَّ الْمَالَ فِي زَمَنِهِ يَكْثُرُ حَتَّى لَا يُقَابِلَهُ أَحَدٌ. وَسَبَبُ كَثْرَتِهِ نُزُولُ الْبَرَكَاتِ وَتَوَالِي الْخَيْرَاتِ بِسَبَبِ الْعَدْلِ وَعَدَمِ الظُّلْمِ وَحِينَئِذٍ تُخْرِجُ الْأَرْضُ كُنُوزَهَا وَتَقِلُّ الرَّغَبَاتُ فِي اقْتِنَاءِ الْمَالِ لِعِلْمِهِمْ بِقُرْبِ السَّاعَةِ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْحِكْمَةُ فِي نُزُولِ عِيسَى دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لِلرَّدِّ عَلَى الْيَهُودِ فِي زَعْمِهِمْ: أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ فَبَيَّنَ اللَّهُ كَذِبَهُمْ وَأَنَّهُ الَّذِي يَقْتُلُهُمْ، أَوْ نُزُولُهُ: لِدُنُوِّ أَجَلِهِ لِيُدْفَنَ فِي الْأَرْضِ إذْ لَيْسَ لِمَخْلُوقٍ مِنْ التُّرَابِ أَنْ يَمُوتَ فِي غَيْرِهَا، وَقِيلَ: إنَّهُ دَعَا اللَّهَ لَمَّا رَأَى صِفَةَ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْهُمْ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ وَأَبْقَاهُ حَتَّى يَنْزِلَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يُجَدِّدَ أَمْرَ الْإِسْلَامِ. فَيُوَافِقَ خُرُوجَ الدَّجَّالِ فَيَقْتُلَهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ، وَفِي عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَلْغَزَ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي قَوْلِهِ:
مَنْ بِاتِّفَاقِ جَمِيعِ الْخَلْقِ أَفْضَلُ مِنْ ... شَيْخِ الْأَنَامِ أَبِي بَكْرٍ وَمِنْ عُمَرْ
وَمِنْ عَلِيٍّ وَمِنْ عُثْمَانَ وَهُوَ فَتًى ... مِنْ أُمَّةِ الْمُصْطَفَى الْمُخْتَارِ مِنْ مُضَرْ
وَقَالَ حَجّ: وَتَنْقَطِعُ مَشْرُوعِيَّتُهَا بِنُزُولِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى لَهُمْ حِينَئِذٍ شُبْهَةٌ بِوَجْهٍ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامُ وَهَذَا: مِنْ شَرْعِنَا أَيْ كَوْنِهَا بِنُزُولِ عِيسَى لِأَنَّهُ يَنْزِلُ حَاكِمًا بِهِ أَيْ بِشَرْعِنَا مُتَلَقِّيًا لَهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ أَوْ عَنْ اجْتِهَادٍ مُسْتَمَدٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَذَاهِبَ فِي زَمَنِهِ لَا يُعْمَلُ مِنْهَا إلَّا بِمَا يُوَافِقُ مَا يَرَاهُ لِأَنَّهُ لَا يُخْطِئُ اهـ حَجّ

نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 4  صفحه : 274
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست